الفلسفة وقضايا البيئة فلسفة ثالثة ثانوى

 


الفلسفة وقضايا البيئة

أولا : مفهوم فلسفة البيئة :

هى ذلك الفرع الجديد من الفلسفة الذى يدرس ما ينبغى أن يكون عليه تعامل الإنسان مع البيئة الطبيعية .

وتعد الفلسفة البيئية أهم فروع الفلسفة التطبيقية فى عصرنا ، ذلك الفرع الذى

 يهتم بدراسة البيئة ومشكلاتها . 

تلك المشكلات التى ترتبت على التقدم التكنولوجى والعلمى الرهيب الذى هدد البيئة الطبيعية لحياة الكائنات الحية جميعا وعلى رأسها الإنسان .

وتهديد البيئة الطبيعية جعل الفلاسفة والعلماء يدعون إلى :

إقامة التوازن بين مطالب الإنسان وبين ضرورة احترام الطبيعة :

إذن إقامة التوازن بين مطالب الإنسان المتنامية فى السيطرة على البيئة والإستفادة القصوى من مواردها .

وبين ضرورة احترام الطبيعة واحترام حقوق الكائنات الأخرى التى تعيش فيها من نباتات والحيوانات .

وأيضا احترام حقوق الأجيال القادمة فى هذه الموارد الطبيعية .

معنى البيئة :

1.  المعنى اللغوى : إن أصل اشتقاق كلمة ( بيئة ) هو بوأ ( وفى كتاب لسان العرب باء إلى الشئ يبوء بوءا أى رجع، وتبوأ أى نزل وأقام، وبؤأتك بيتا أى اتخذت لك بيتا.

إذن البيئة لغة تعنى المكان أو المنزل الذى ينزل به الكائن الحى يتخذ منه مقاما، فهى إذن ما يحيط بالكائن الحى.

2.  المعنى الاصطلاحى :

أما المعنى الاصطلاحى للبيئة فيطلق على مجموع الأشياء والظواهر المحيطة بالفرد والمؤثرة فيه، حيث نقول البيئة الطبيعية أو الخارجية، والبيئة العضوية أو الداخلية، والبيئة الاجتماعية، والبيئة الفكرية .

أول من استخدم كلمة البيئة بهذا المعنى الاصطلاحى هم علماء المسلمين، حيث يعد ابن عبد ربه صاحب كتاب العقد الفريد أقدم من ذكروا هذا المعنى الاصطلاحى للفظ البيئة للإشارة إلى :

الوسط الطبيعى ( الجغرافى والمكانى والأحيائى ) الذى يعيش فيه الكائن الحى بما فى ذلك الإنسان، وكذلك للإشارة إلى المناخ السياسى والأخلاقى والفكرى المحيط بالإنسان .

ثانيا : المراحل الأساسية للتعامل الإنسانى مع البيئة :

لما كان الإنسان هو ذلك الكائن الذى يمتلك القدرة على التأثير فى البيئة المحيطة به وهو وحده القادر على تعمير هذه البيئة . فثمة علاقة من نوع خاص تقوم بينه وبين كل مكونات البيئة المحيطة، من ضمنها بيئة النباتات والحيوانات التى تشاركه العيش فى هذه البيئة .

المرحلة الأولى : مرحلة التقديس والتأليه :

التى وجد فيها الإنسان نفسه وسط بيئة طبيعية موحشة مقلقة لا يستطيع السيطرة عليها، فلجأ إلى تأليه هذه الظواهر البيئية والطبيعية المحيطة به.

فقط أله البابليون والهنود وكذلك اليونانيون مظاهر الطبيعية والكائنات الحية، واتخذوها إما آلهة صريحة أو رموزا لآلهة أو تجسيدا لها .

المرحلة الثانية : مرحلة التفسير والتوظيف :

بدأت هذه المرحلة بوضوح مع الحضارة اليونانية وظهور الفلسفات الطبيعية وتطورها، وحتى مطلع العصر الحديث.

فقد نجح ارسطو فى تقديم تفسيره للعالم الطبيعى الذى استند على أن الارض هى مركز العالم الطبيعى.

والتفسير الذى هيمن على علوم وفلسفات العالم طوال هذه العصور يتبلور فى نظرة الإنسان إلى البيئة الطبيعية المحيطة على أنها البيئة التى هيأها الله لخدمة الإنسان بكل ما فيها من كائنات حية وظواهر طبيعية .

المرحلة الثالثة : الاستغلال والسيطرة :

بدأت مع ظهور العلم الحديث بمناهجه الحديثة.

وكان الفلاسفة والعلماء يرون أنه كلما نجح الإنسان فى فهم الظواهر الطبيعية بمنهجه التجريبى، واستطاع استغلال كل مقدرات الطبيعة وكائنتها الحية الأخرى لخدمته، كلما انتصر عليها، وحقق تقدمه المنشود عبر استغلال مواردها الطبيعية وتسخير كائناتها، لخدمته وتحقيق رفاهيته.

ولعل من أهم سلبيات هذه المرحلة ندرة الحديث عن حقوق الكائنات الأخرى فى الحياة.

المرحلة الرابعة : مرحلة القهر والاستبداد :

بلغ العلم المعاصر فى هذه المرحلة طورا جديدا استطاع فيه الإنسان بتقدمه العلمى المبهر أن يصل إلى مرحلة قهر الطبيعة. وكان لذلك آثارا على البيئة أهمها:

1. إحداث تحولات فيما بين كائناتها نباتات كانت أن حيوانات، مما أصبح يهدد بالفعل الحياة البرية بل وحياة الإنسان نفسه على هذا الكوكب .

2. تطوير تكنولوجيات للهندسة الوراثية والاستنساخ والروبوت بأجيال شتى، يمكن أن تغير تماما من طبيعة الكائنات الحية وأعمارها وأشكالها، بحيث تختلط أنسابها ولا تعد طبيعية أو حتى شبه طبيعية.

المرحلة الخامسة : مرحلة الاحترام والصون :

وهى المرحلة التى نحياها الآن، حيث تنبه العلماء والمفكرون والفلاسفة إلى خطورة الآثار السلبية المترتبة على بعض جوانب القدم العلمى البشرى.

فبدأوا يحذرون منها، ومن ازدياد العبث بمقدرات الطبيعة، وتحولوا للدعوة إلى:

1. وضع التشريعات والقوانين اللازمة، لصون البيئة الطبيعية وحقوق الكائنات الأخرى.

2. إيقاظ أخلاقيات البحث العلمى التى تحمى حقوق الكائنات الأخرى، وحقوق الأجيال البشرية القادمة.

ملاحظة :

لا يعنى الحديث السابق عن هذه المراحل المتوالية الكاشفة عن علاقة الإنسان بالبيئة وخاصة فى المرحلة الخامسة ( مرحلة الاحترام والصون ) أنه لم ينشأ الإهتمام بالبيئة إلا فى العصر الحاضر، أو أن الإنسان لم ينتبه إلى أهمية وضرورة احترام البيئة الطبيعية والحفاظ على التوازن فيها إلا مع ظهور فلسفة البيئة المعاصرة، إذ أن الحقيقة هى:

أن الكثير من البشر والمفكرين فى مختلف الحضارات الإنسانية كانوا واعين بأهمية البيئة الطبيعية والحفاظ عليها ، حرصا منهم على احترام حق الحياة لكل الكائنات الحية، وعلى أن تظل هذه البيئة الطبيعية بكائناتها داعمة للحياة البشرية السوية وعونا للبشر على استمرار الحياة الهادئة والمتوازنة للجميع.


ثالثا : الفكر البيئى فى الشرق القديم

1. الفكر البيئى فى مصر القديمة :

كشف المصريون القدماء عن حبهم الشديد للبيئة الطبيعية، فبقدر ما حاولوا السيطرة على مواردها وتسخيرها لخدمة بناء حضارتهم المبهرة، بقدر ما قدسوا هذه البيئة وظواهرها الطبيعية لدرجة العبادة.

وظهر ذلك فى :

أقدم كتاب مصور عرفته الإنسانية، كتاب الموتى، حيث نجدهم يدركون أن الحفاظ على البيئة أحد وسائل التقرب إلى الإله وليس فقط لمجرد الحياة الطيبة على الأرض.

تعويذة إعلان البراءة أمام الإله العظيم التى يبدأها المتوفى بقوله :

 السلام عليك يا أيها الإله العظيم، ويؤكد المتوفى على احترامه للكائنات الأخرى ولحقوقها فيقول:

 لم احرم الماشية من عشبها، لم أصنع الفخاخ لعصافير الآلهه، لم أصطد سمكا من بحيراتهم، لم أمنع المياه فى موسمها، لم أقم بوضع عائقا أمام الماء الجارى، لم أطفئ نارا متأججة.

احترام الفكر المصرى القديم للبيئة، حيث كانت مظاهر الطبيعة مثل السماء، والأرض، والشمس، والنباتات، والحيوانات وغيرها هى المصدر الذى أخذت منه الديانة المصرية إيحاءات بأشكال الألهة بل وحتى عقائدها، فالأصل المصرى القديم للفلسفة كان يبدو واضحا فى الديانة المصرية القديمة التى تقدم صورة إيجابية للحياة بعد الموت

تقديس المصرى القديم نهر النيل لدرجة العبادة، وتوجيه التراتيل والأناشيد خلال صلواتهم.

2. الفكر البيئى فى الصين القديمة :

لقد كانت الطبيعة عند المفكرين الصينين القدماء تمثل

 الطاوالذى يعد المبدأ والمصدر الذى تأتى منه كل الأشياء وهو القانون الطبيعى أو الكيان الذاتى للأشياء.

كان الطاويون ولايزالون من أقدم من استبصر الضرورة فى العالم، وآمنوا بحكمة الوجود الطبيعى واتساقه وانتظامه، وأقدم من قالوا بالترابط بين الأشياء، كما كانوا أول من قنن حدودها وفاعليتها.

إن الفهم العميق لجوهر العلاقة بين كائنات الطبيعة إنما تمثل الحقيقة التى يشير إليها اليوم أعظم دعاة فلسفة البيئة وأخلاقيتها، حيث الدعوة لدى أنصار حقوق النباتات والحيوانات إلى المساواة بين كائنات الطبيعة وإلغاء التمييز المصطنع بين الإنسان والكائنات الأخرى حيث يحيا الكل مع الكل فى تناغم طبيعى ينبغى أن يحفظ الإنسان توازنه ولا يتعدى عليه بحجة أنه الأرقى والأقوى.

لقد أشار إلى ذلك ( لاؤتسى ) فى كتابه ( الطاو ) حينما قال مخاطبا الإنسان: ( أتحسب أنك قادر على تولى أمر العالم وتحسينه؟ أنا لا أرى ذلك ممكنا، العالم مقدس ولا يسعك تحسينه، ولو حاولت تغييره لكان خرابا.

إن هذا التحذير المبكر من أن يتصور الإنسان أنه قادر على تغيير العالم وقيادته وتحسينه، إنما هو أول تحذير يطلقه فيلسوف للتأكيد على أن محاولات الإنسان تغيير العالم أو التلاعب بالطبيعة يعنى ببساطة خرابها ووقوع الضرر عليه.

رابعا: الفكر البيئى عند المفكرين العرب:

1. على بن رضوان:

أهم إسهامات على بن رضوان فى ميدان الفكر البيئى:

أورد على بن رضوان العديد من الإسهامات باعتباره فيلسوف وطبيب مصرى فى ميدان الفكر البيئى وذلك فى كتابه رسالة فى الحيلة فى دفع مضار الأبدان بأرض مصر ومن هذه الإسهامات:

دراسة تأثير طبيعة المكان وعناصره البيئية وتأثيرها على الإنسان حيث غطى وبشكل شامل خصائص المكان ومدى سلامة البيئة والمناخ فى فصول السنة المختلفة وربط بين ذلك وبين نوع الأمراض والأوبئة التى تنتشر فى مصر آنذاك.

قدم فى كتابه دراسة بيئية ايكولوجية تربط بين من عدد من الأسباب والنتائج بطريقة جدلية تؤكد علمية المنهج المستخدم وشموليته ودقته وتكامل فقراته مما يحاكى الكتب المعاصرة التى تتناول فلسفة البيئة.

درس موقع مصر الجغرافى ومناخها من أجل بيان أثر ذلك الموقع والمناخ فى السكان وما يمكن أن يصيبهم من أمراض وكيفية علاجها.

أكد على أثر البيئة فى أخلاق المصريين وعاداتهم وتقاليدهم.

2. عبد الرحمن بن خلدون:

إذا كان على بن رضوان قد دخل للفكر البيئى من باب تخصصه فى علم الطب فإن ابن خلدون قد دخل إليها من باب موسوعته الشاملة باعتباره مؤسسا لعلم الاجتماع.

ومن أهم إسهاماته فى مجال الفكر البيئى مايلى:

ميز ابن خلدون بين البيئات الصالحة للعمران البشرى والبيئات غير الصالحة.

أوضح فى مقدمة كتابه

 ( العبر وديوان المبتدأ فى أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوى السلطان الأكبر ) الأقاليم الجغرافية المختلفة وتأثيرها فى أحوال البشر وصنائعهم وعلى المبانى والملابس والأقوات.

تحدث عن أثر الهواء فى أخلاق البشر وطبائعهم وضرب مثل لذلك السودان ومدى تأثير الإقليم الحار على تكوين شخصياتهم المميزة بالفرح والسرور والانبساط أكثر من البلاد الباردة وكذلك الحال فى أهل مصر يغلب عليهم الفرح والخفة ( والغفلة عن العواقب ) حتى أنهم لا يدخرون أقوات سنتهم ولا شهرهم على العكس من البلاد الباردة حيث يغلب على أهلها الحزن والإفراط فى نظر العواقب حتى أنهم يدخرون قوت سنتين من الحبوب من شدة الخوف على مدخراتهم.

ابن خلدون جانب كبير من مقدمته للحديث 

عن أثر البيئة ونوعية العمران على نوعية البشر ومدى تأثيرها على شئونهم اخصص لسياسية.


من العرض السابق لموقف على بن رضوان وبن خلدون وإسهاماتهم فى مجال الفكر البيئى نلاحظ أن تلك الآراء لم تتعدى النظرة العلمية الوصفية للبيئة وعلاقتها بالإنسان عن طريق رصد التأثير المتبادل بينهم ويرجع ذلك إلى أن المشكلات البيئية الناتجة عن تدخل الإنسان فى الطبيعة ومحاولته السيطرة عليها واستنفاد مواردها لم تكن قد ظهرت بعد، فقد كان الأمر يقتصر على اقتصار الإنسان فى سيطرته على البيئة واستخراج مواردها والاستفادة منها بما هو ضرورى لحياته وصناعته وحضارته ومدنيته.


 خامسا : موقف الفلاسفة المعاصرين من قضايا البيئة والحفاظ على بقاء الأنواع :
اهتم الكثير من الفلاسفة المعاصرين بمعالجة القضايا البيئية من منظور أخلاقى ولعل أهم هؤلاء :
بيتر سنجر وتوم ريجان والدعوة لاحترام حقوق الحيوان :
استند سنجر فى اقراره لحقوق الحيوان والمطالبة بالمساواة بين كل الكائنات الحية إلى المذهب النفعى الذى كان بنتام أحد أهم ممثليه فى الفكر الغربى الحديث .
ويكمن الأساس الأخلاقى الذى استند عليه سنجر للدفاع عن حقوق الحيوان فى مبدأ المنفعة العامة الذى ينص على أعظم قدر من السعادة لأكبر عدد من الناس ولما كانت الحيوانات قادرة على الشعور بالسعادة والشقاء أو اللذة والألم مثلها مثل البشر تماما، فإن على البشر أن يضعوها فى حساباتهم، وفى مقابل المنفعة التى يجنيها الباحث العلمى من التجارب التى يجريها على الحيوان، ينبغى علينا أن نضع فى حسباننا معاناة هذه الحيوانات فى المعامل.
إنها دعوة لإنصاف الحيوانات وحسن معاملتها من قبل سنجر وأتباعه حيث نقد كل صور العنف التى تمارس ضد الحيوانات فى طريقة تربيتها، أو فى التعامل معها بغرض الاستفادة منها فى التجارب المعملية أو خلافه.
وقد شارك توم ريجان استاذ الفلسفة بجامعة كارولينا الشمالية بالولايات المتحدة الامريكية سنجر هذه الدعوة إلى الحفاظ على حقوق الحيوان مستندا على مسلمة أصبح يؤمن بها الجميع هى إن إذاء الكائنات البشرية لأجل منفعة أو متعة أى جماعة هو انتهاك لحقهم فى عدم الأذى، فإذا كان من حق الإنسان البشرى عدم الأذى فهو كذلك من حق الحيوان غير البشرى.
2. ألدو ليوبولد وأخلاق الأرض :
طالب ليوبولد بأن يتسع مجال البحث الأخلاقى الأيكولوجى ليشمل أخلاق الأرض، إذ ينبغى أن توسع أخلاق الأرض حدود المجتمع، كى يضم التربة والمياة والبناتات والحيوانات أو إجمالا الأرض.
أكد ليوبولد على أن أخلاق الأرض تغير دور الإنسان العاقل من مستعمر لمجتمع الأرض إلى عضو عادى ومواطن فيه، إنها تقتضى منه احترام الأعضاء  الزملاء له وأيضا احترام المجتمع بحد ذاته.
يريد ليوبولد تغيير منظومة التفكير الإنسانى إزاء الأرض ، فبدلا من أن ينظر الإنسان إلى نفسه على أنه سيدها والمتحكم فيها، عليه أن ينظر إليها على أنها موطن وهو ليس إلا أحد مواطنيها، ومن ثم عليه أن ينظر إلى نفسه على أنه عضو عادى فيها، وبالتالى ينبغى للأنسان أن يحافظ على هذه الأرض بكافة عناصر البيئة الموجودة فيها.
3. آرنى نايس والأيكولوجيا العميقة:
لقد تبنى آرنى نايس مذهبا يدعى الأيكولوجيا العميقة، وهو يعنى احترام القيمة الذاتية لكل الكائنات الحية بغض النظر عن مدى قائدتها للأنسان.
إن المبدأ الأساسى للأيكولوجيا العميقة هو الاعتقاد  بأن البيئة المعيشية ككل ينبغى احترام حقوق كل من فيها للعيش والازدهار بصرف النظر عن الفوائد النفعية للاستخدام البشرى. وهى تعتبر نفسها عميقة، لأنها تبحث بعمق أكثر فى الواقع الفعلى للعلاقة الإنسانية مع العالم الطبيعى والتوصل إلى استنتاجات فلسفية أكثر عمقا من وجهة النظر السائدة فى البيئة باعتبارها فرعا من فروع علم الأحياء.
المبادئ الثمانية للأيكولوجيا العميقة
تقوم الأيكولوجيا على عدة مبادئ
1. إن عافية وترعرع الحياة البشرية وغير البشرية على كوكب الأرض لها قيمة بحد ذاتها.
2. إن ثراء وتنوع أشكال الحياة يسهمان فى تحقيق هذه القيم،ولهما أيضا قيمة بحد ذاتها.
3. ليس للبشر الحق فى إنقاص هذا الثراء والتنوع إلا من أجل تلبية الحاجات الحيوية.
4. إن ترعرع الحياة البشرية وثقافتها يتوافقان مع عدد سكان أصغر جوهريا، وإن ترعرع الحياة غير البشرية يتطلب عدد سكان أصغر.
5. إن التدخل البشرى الحالى فى العالم غير البشرى كثيف جدا والوضع يتزايد سوءا.
6. لذلك فإن السياسات يجب أن تتغير، هذه السياسات تؤثر فى البيئات الأساسية الاقتصادية والثقافية والأيديولوجية، إن الحالة الناجمة عن هذا التغيير سوف تختلف بعمق عن الحاضر.
7. سيكون التغيير الأيديولوجى الرئيسى هو ذلك الذى يثمن نوعية الحياة أكثر مما يشايع مقياسا للعيش متزايدا باطراد، ينبغى أن يكون ثمة وعى عميق بالفرق الكبير والرفيع.
8. أولئك الذين يؤيدون النقاط السابقة عليهم إلزام مباشر بمحاولة إنجاز التغيير.
رابعا شخصية هانز يوناس وأخلاق المسئولية
معنى أخلاق المسئولية
تنبع أخلاق المسئولية عند يوناس من أن الإنسان هو الكائن الحى الأكثر وعيا والأكثر إدراكا لضرورات التعاون المتبادل بين الكائنات الحية فى الطبيعة، فالإنسان هو الموجود الوحيد المعروف بأنه يستطيع أن يدرك المسئولية، ومن ثم فعليه تقع تبعاتها وتحملها، وهذا مما يفرض على الإنسان الالتزام الخلقى، والمسئولية الخلقية للإنسان تنبع بالطبع من أنه هو أيضا أكثر الكائنات فاعلية فى هذا الوجود.
تميزت أخلاق المسئولية عند يوناس بالمناداة بأنها ينبغى أن تكون كذلك أخلاقا للمستقبل، حيث ينبغى أن تهتم بالمستقبل والدفاع عن مصلحة الأجيال المقبلة.
ومن هنا يجدر بالإنسان وكل البشر أن يتحملوا مسئوليتهم الأخلاقية إزاء المستقبل سواء كان مستقبل الطبيعة أو مستقبل الأجيال البشرية القادمة.
حقوق الأجيال المستقبلية
إن الالتزام الخلقى بالمسئولية تجاه الأجيال المقبلة ينبع من أننا نمثل الصلة الرئيسية فى كل ما سيؤثر عليهم بالسلب. ومن ثم يقع علينا عبء أن نضعهم فى حساباتنا أثناء أى فعل نتخذه فى الحاضر.
يؤكد يوناس على أن هذه الحقوق ليس فقط من المسئولية الأبوية تجاه هذه الأجيال، بل أيضا من الواجب الطبيعى المتأصل فى الإنسان تجاه هذه الأجيال، إذ ينبغى على المرء دائما أن لا يتصرف بطريقة تجعل من نتائج أفعاله تدميرا لأسس كرامة الحياة الإنسانية فى المستقبل.
إن يوناس يجعل المسئولية الأخلاقية ليس فقط لأجيال المستقبل، بل أيضا للارتقاء بحياتهم، بحيث يقع على عاتق الأجيال الحالية تجنب المستقبل المهدد بانعدام المصادر المادية التى ستكون أساسا لحياتهم وضمانا لاستمرارها ومن ثم يجب أن نعمل على ألا تؤدى قوتنا وأفعالنا الحالية إلى تهديد تلك المصادر المادية والقدرات الطبيعية بثرواتها المختلفة التى ستكون مجالا لحياة هذه الأجيال، إن مسئوليتنا الأخلاقية إذن تتعلق بالمستقبل فيما هو واضح فى جانبين
وجود موجودات بشرية فى المستقبل
وجود ثروات مادية وطبيعية تعتمد عليها هذه الأجيال اللاحقة
يؤكد يوناس أن علينا كجيل حالى، مسئولية مراعاة حقوق الأجيال المستقبلية واحترام هذه الحقوق، وفى هذا الصدد قدم دانيال كالاهان بعض الأسس التى تؤكد احترامنا لهذه الحقوق وهى
الأجيال الحالية يجب ألا تتصرف بطرق تشكل خطرا على وجود الأجيال المقبلة
الأجيال الحالية يجب ألا تتصرف بطرق تشكل خطرا على مقدرة اجيال المستقبل فى العيش بكرامة.
الجيال الحالية فى دفاعها عن مصالحها الخاصة يجب أن تفعل ذلك بطريقة تقلل من المخاطر إلى حدها الأدنى.
ويبدو أن دعوات يوناس وأنصاره للحفاظ على حقوق الأجيال المستقبلية، قد أثمرت، حيث صدر ميثاق لحقوق الأجيال المقبلة يؤكد على خمس نقاط أساسية هى
للأجيال المقبلة حق فى كوكب الأرض بألا يكون ملوث وتالف، وفى الاستمتاع به كمصدر للتاريخ البشرى والثقافة والروابط الاجتماعية التى تجعل من كل جيل عضوا فى أسرة إنسانية واحدة.
على كل جيل يشترك فى ملكية كوكب الأرض وتراثه واجب تجاه الأجيال المقبلة لمنع الأضرار التى لا يمكن إصلاحها أو علاجها، والتى تصيب الحياة على كوكب الأرض أو حرية وكرامة الإنسان.
لذلك فإن من أهم مسئوليات كل جيل أن يحتفظ برقابة دائمة وتقييم واع للخلل أو التغيرات الناجمة عن التكنولوجيا التى تؤثر سلبا على الحياة بكوكب الأرض، أو التوازن الطبيعى وارتقاء الجنس البشرى من أجل حماية حقوق الأجيال المقبلة.
يجب اتخاذ جميع الإجراءات الملائمة شاملة التعليم والبحث والتشريع لضمان هذه الحقوق، والتأكد من أنه لا يضحى بها، لتحقيق المنفعة أو الراحة الحالية.
يجب حث الحكومات والمنظمات غير الحكومية والأفراد على تنفيذ هذه المبادئ متخيلين وجود الأجيال المقبلة والتى تسعى إلى ترسيخ حقوقها ودوامها.
وقفة تأمل
ثمة تيارات فى الفكر المعاصر تأخذ على عاتقها مهمة تحليل الجوانب الفلسفية للأزمة البيئية، وتطرح فى هذا السياق سؤالا فحواه: ما مدى حاجتنا نحن البشر إلى فهم جديد لعلاقتنا مع العالم الطبيعىفى عصر التدهور البيئى الذى نعيشه ؟


هانز يوناس وأخلاق المسئولية
معنى أخلاق المسئولية
تنبع أخلاق المسئولية عند يوناس من أن الإنسان هو الكائن الحى الأكثر وعيا والأكثر إدراكا لضرورات التعاون المتبادل بين الكائنات الحية فى الطبيعة، فالإنسان هو الموجود الوحيد المعروف بأنه يستطيع أن يدرك المسئولية، ومن ثم فعليه تقع تبعاتها وتحملها، وهذا مما يفرض على الإنسان الالتزام الخلقى، والمسئولية الخلقية للإنسان تنبع بالطبع من أنه هو أيضا أكثر الكائنات فاعلية فى هذا الوجود.
تميزت أخلاق المسئولية عند يوناس بالمناداة بأنها ينبغى أن تكون كذلك أخلاقا للمستقبل، حيث ينبغى أن تهتم بالمستقبل والدفاع عن مصلحة الأجيال المقبلة.
ومن هنا يجدر بالإنسان وكل البشر أن يتحملوا مسئوليتهم الأخلاقية إزاء المستقبل سواء كان مستقبل الطبيعة أو مستقبل الأجيال البشرية القادمة.
حقوق الأجيال المستقبلية
إن الالتزام الخلقى بالمسئولية تجاه الأجيال المقبلة ينبع من أننا نمثل الصلة الرئيسية فى كل ما سيؤثر عليهم بالسلب. ومن ثم يقع علينا عبء أن نضعهم فى حساباتنا أثناء أى فعل نتخذه فى الحاضر.
يؤكد يوناس على أن هذه الحقوق ليس فقط من المسئولية الأبوية تجاه هذه الأجيال، بل أيضا من الواجب الطبيعى المتأصل فى الإنسان تجاه هذه الأجيال، إذ ينبغى على المرء دائما أن لا يتصرف بطريقة تجعل من نتائج أفعاله تدميرا لأسس كرامة الحياة الإنسانية فى المستقبل.
إن يوناس يجعل المسئولية الأخلاقية ليس فقط لأجيال المستقبل، بل أيضا للارتقاء بحياتهم، بحيث يقع على عاتق الأجيال الحالية تجنب المستقبل المهدد بانعدام المصادر المادية التى ستكون أساسا لحياتهم وضمانا لاستمرارها ومن ثم يجب أن نعمل على ألا تؤدى قوتنا وأفعالنا الحالية إلى تهديد تلك المصادر المادية والقدرات الطبيعية بثرواتها المختلفة التى ستكون مجالا لحياة هذه الأجيال، إن مسئوليتنا الأخلاقية إذن تتعلق بالمستقبل فيما هو واضح فى جانبين
وجود موجودات بشرية فى المستقبل
وجود ثروات مادية وطبيعية تعتمد عليها هذه الأجيال اللاحقة
يؤكد يوناس أن علينا كجيل حالى، مسئولية مراعاة حقوق الأجيال المستقبلية واحترام هذه الحقوق، وفى هذا الصدد قدم دانيال كالاهان بعض الأسس التى تؤكد احترامنا لهذه الحقوق وهى
الأجيال الحالية يجب ألا تتصرف بطرق تشكل خطرا على وجود الأجيال المقبلة
الأجيال الحالية يجب ألا تتصرف بطرق تشكل خطرا على مقدرة اجيال المستقبل فى العيش بكرامة.
الجيال الحالية فى دفاعها عن مصالحها الخاصة يجب أن تفعل ذلك بطريقة تقلل من المخاطر إلى حدها الأدنى.
ويبدو أن دعوات يوناس وأنصاره للحفاظ على حقوق الأجيال المستقبلية، قد أثمرت، حيث صدر ميثاق لحقوق الأجيال المقبلة يؤكد على خمس نقاط أساسية هى
للأجيال المقبلة حق فى كوكب الأرض بألا يكون ملوث وتالف، وفى الاستمتاع به كمصدر للتاريخ البشرى والثقافة والروابط الاجتماعية التى تجعل من كل جيل عضوا فى أسرة إنسانية واحدة.
على كل جيل يشترك فى ملكية كوكب الأرض وتراثه واجب تجاه الأجيال المقبلة لمنع الأضرار التى لا يمكن إصلاحها أو علاجها، والتى تصيب الحياة على كوكب الأرض أو حرية وكرامة الإنسان.
لذلك فإن من أهم مسئوليات كل جيل أن يحتفظ برقابة دائمة وتقييم واع للخلل أو التغيرات الناجمة عن التكنولوجيا التى تؤثر سلبا على الحياة بكوكب الأرض، أو التوازن الطبيعى وارتقاء الجنس البشرى من أجل حماية حقوق الأجيال المقبلة.
يجب اتخاذ جميع الإجراءات الملائمة شاملة التعليم والبحث والتشريع لضمان هذه الحقوق، والتأكد من أنه لا يضحى بها، لتحقيق المنفعة أو الراحة الحالية.
يجب حث الحكومات والمنظمات غير الحكومية والأفراد على تنفيذ هذه المبادئ متخيلين وجود الأجيال المقبلة والتى تسعى إلى ترسيخ حقوقها ودوامها.
وقفة تأمل
ثمة تيارات فى الفكر المعاصر تأخذ على عاتقها مهمة تحليل الجوانب الفلسفية للأزمة البيئية، وتطرح فى هذا السياق سؤالا فحواه: ما مدى حاجتنا نحن البشر إلى فهم جديد لعلاقتنا مع العالم الطبيعىفى عصر التدهور البيئى الذى نعيشه ؟



سادسا : دور المنظمات البيئية والعمل التطوعى فى حماية البيئة
لقد صاحب هذه الدعوات الفلسفية لحماية البيئة والحفاظ على حقوق جميع الكائنات نشأة العديد من المنظمات غير الحكومية، وهى عبارة عن مجموعات تطوعية لا تستهدف الربح ينظمها مواطنون على أساس محلى أو قطرى أو إقليمى أو دولى، ويتمحور حول مهام معينة، ويقودها أشخاص ذو اهتمامات مشتركة، ويتمحور عمل بعض هذه المنظمات حول مسائل محددة من قبيل حقوق الإنسان، أو البيئة، أو الصحة، أو المرأة، أو الطفل.
وقد تبلور مفهوم هذه المنظمات من خلال الوضعية القانونية التى كرستها له منظمة الأمم المتحدة، وقد أصبح الاعتقاد بأن هذه المنظمات هى الملجأ الوحيد فى تنفيذ المشاريع الإنسانية فى مواجهة عجز الدول وشلل أجهزتها، وتزايد دورها على المستوى الإقليمى والدولى.
وقد تطور عمل هذه الجمعيات والمنظمات غير الحكومية فى العالم منذ نهايات القرن التاسع عشر وحتى الآن، واتخذت عدة مداخل لحماية البيئة منها:
أولا: مدخل يهم اصحاب القرار:
سن التشريعات الملائمة لحماية البيئة والحرص على تنفيذها.
تشجيع البحث العلمى والثقافة البيئية.
ثانيا: مدخل يهم الفاعلين الاقتصاديين بالقطاع العام والخاص:
تخصيص جزء من الموارد لشؤون البيئة.
اعتماد تقنيات ووسائل للحد من التأثيرات البيئية.
التخفيف من التلوث البيئى والمساهمة فى كلفة معالجة الاختلالات البيئية.
ثالثا: مدخل يهم الجمعيات والمنظمات غير الحكومية:
المشاركة فى مجهودات حماية البيئة.
نشر الثقافة البيئية عن طريق الإسهام فى برامج التربية البيئية.
مواجهة كل الأخطار التى تهدد باختلال التوازنات البيئية.
ولعل من أهم الجمعيات والمنظمات البيئية غير الحكومية فى العالم هى:
أولا: منظمة السلام الأخضر لحماية البيئة والسلم:
هى منظمة تطوعية غير حكومية ممثلة فى حوالى 
 اربعون دولة بأوربا وأمريكا الجنوبية والشمالية يصل أعضاؤها إلى حوالى أربعة مليون عضو موزعين بمختلف أرجاء العالم.
تهتم بحماية البحار والغابات والمحافظة على الموارد والثروات الطبيعية. تهتم بالحد من الأسلحة النووية وتهتم بالتخلى عن استعمال المبيدات الكيماوية السامة.
ثانيا: المنظمة العالمية لحماية الحيوانات البرية:
هى منظمة غير حكومية لها فروع فى
  ستة وعشرين دولة ويصل عدد منخرطيها عبر العالم إلى حوالى اربعة وسبعة من عشرة من المليون منخرط.
تهتم بحماية جميع الحيوانات البرية وخاصة المهددة بالانقراض وتهتم بالمساهمة فى إنشاء محميات طبيعية للحيوانات البرية وتهتم بحماية الغابة كوسط طبيعى للحيوانات البرية من التدهور.








Reactions

إرسال تعليق

0 تعليقات