الفلسفة وأخلاقيات المهنة

يمثل العمل الشرط الأساسى لنهضة الأمم وتقدمها الحضارى، وهو بمثابة المنظار الذى تنظر من خلاله لترى روح الشعب على حقيقتها أهو شعب جاد أم هازل أهو شعب متفائل أم يائس أهو شعب مسؤؤل أم مستهتر أهو شعب يحترم نفسه أم هانت عليه تلك النفس

قد تختلف الثقافات، لكنها تجمع على أن المجتمع يتطور وينهض وفقا لتطوير نظم العمل واستغلال طاقة وملكات الأفراد بأفضل طريقة ممكنة، فلم تعد هناك أمم قادرة على خلق مجتمعات قوية بعيدا عن احترام العمل وفلسفته

أولا قيمة العمل فى نهضة الأمم

يعد العمل من الوظائف الأساسية التى تميز الإنسان عن الحيوان، وما تمنحه الطبيعة الإنسانية من خيرات فعلى سبيل المثال الحليب الطبيعى للأبقار لا يمكن استهلاكه بالشكل الطبيعى الذى تقدمه الطبيعة، ولا بد من تدخل الإنسان من أجل تطهيره وتنقيته من السموم والأخطار التى يحملها

إننا نعمل من أجل تحويل الطبيعة التى لا تستجيب مباشرة لحاجياتنا أن كلها على الأقل فنحن نعمل من أجل تحويل الأعشاب إلى حبوب قمح ذرة شعير والثمار غير القابلة للاستهلاك إلى فواكه والحديد إلى سيارات وطائرات الخ

هكذا يظهر أن الإنسان مضطر للعمل من أجل ترويض الطبيعة واستغلال خيراتها بشكل يناسبه، ولكن إذا اكتفى الإنسان بقوة يديه وعضلاته لإنجاز هذا العمل، فإنه لن يحقق تقدما كبيرا ومن هنا ضرورة استعانته بالتقنيات وهو الذى يمثل الجانب الإبداعى فى عمل الإنسان

ثانيا مفهوم الأخلاق المهنية

يجمع المعنيون بفلسفة الأخلاق التطبيقية على أن العلاقة التى تربط بين الأخلاق العامة والأخلاق المهنية هى علاقة الكلى بالجزئى

وأن ما يميزها عن الأخلاق المثالية المستمدة من الأديان أو التصورات العقلية الفلسفية هو ذلك الطابع العملى التطبيقى الذى تستمد منه مبادئها ومعاييرها

وتعرف أخلاق المهنة بأنها تلك المبادئ والأسس والمعايير الأخلاقية التى لا تستقيم المهنة بدونها، وأن الطابع الإلزامى لسلوك المشتغلين بها لا يركن للضمير أو الوازع الدينى فحسب، بل للقواعد المستنبطة من الأداء الأمثل لهذه المهنة الذى يعمد فى المقام الأول إلى تلافى السلبيات التى تلفظها الممارسة العملية

وقد اختلف الفلاسفة فيما بينهم حول تحديد طبيعة هذه المعايير

الفريق الأول

يصف هذا الفريق أخلاق المهنة بأنها تحمل بين طياتها الطابع الخاص والعام معا، ويبدو ذلك فى خصوصية الأوامر والنواهى التى تلزم المعلم أو الطبيب أو رجل القانون بأدائها، بغض النظر عن مخالفتها لميوله الشخصية أو ديانته أو واقعه الاجتماعى

رفض أصحاب هذا الرأى كل أشكال السلطة مثل الدولة والدين والأعراف السائدة التى تحاول صبغ أخلاقيات المهنة بصبغتها

جعل أصحاب هذا الرأى الممارسة العملية هى المسئول الأوحد لضبط المعايير

مثال أخلاقيات المعلم تعد قانونا ملزما لمن يشتغل بمهنة التدريس رجلا كان أم أنثى مصريا كان أم أمريكيا إلخ

الفريق الثانى

يذهب هذا الفريق إلى ضرورة ارتباط أخلاق المهنة بالطابع الثقافى الذى تمارس فيه

مثال فآداب المعلم يجب أن تكون عامة من حيث دفء العلاقات التى تربط بين الأستاذ وتلاميذه مثال الحب والرفق والألفة وينبغى أن تكون ملزمة من حيث متطلبات المهنة الإخلاص فى العمل والعدالة فى التقييم والترفع عن الرذائل والابتعاد عن التعصب فى شتى صوره

أما الأمور التى تتعلق بأجر المعلم وضرورة احترامه الأعراف العامة والقوانين وميول الطلاب ومعتقداتهم فيجب أن تتسم بالنسبية تبعا لشخصية المعلم من جهة وطبيعة الثقافة السائدة من جهة أخرى

الفريق الثالث

يؤكد أنصار هذا الاتجاه ضرورة فحص الثقافة السائدة فى المجتمع قبل وضع المعايير الأخلاقية لمهنة المعلم منها

السمات الخاصة بشخصية المعلم الميول والمهارات الأدائية وغيرها

طبيعة المتعلمين

وضع المعلم ومكانته فى المجتمع

طبيعة الدور الذى تقوم به الدولة حيال المؤسسات التعليمية

يرى أنصار هذا الاتجاه أيضا أن أى معايير لمهنة المعلم لا تراعى المؤثرات السابقة فسوف تتحول إلى شعارات أو قوانين ولوائح جامدة سرعان ما يبددها الواقع أو يتحايل عليها

مثال فالشخص الكاره لمهنة التدريس أو المحتقر من قبل المجتمع أو الشاعر بالعوز والضآله أو العاجز عن أداء متطلبات المهنة كل أولئك لا يمكن مطالبتهم بالالتزام بآداب المهنة أو تطبيق أخلاق المعلم فى سلوكهم الأمر الذى تتبدد معه أخلاق المتعلم التى تشكل ركنا أساسيا من طبيعة المهنة



Reactions

إرسال تعليق

0 تعليقات